«مجلس الأسرة» في الشارقة يناقش «الأدب في زمن الأوبئة»

الشارقة: ميرفت الخطيب
نظمت رابطة أديبات الإمارات، التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة، عن بُعد، ندوة «الأدب في زمن الأوبئة»، لمناقشة كيف وظف عدد من الأدباء الأوبئة في كتاباتهم سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، حيث تم اختيار روايتين هما «الطاعون» لألبير كامو، و«الحب في زمن الكوليرا» لجابرييل جارسيا ماركيز.
وقالت الأديبة فاطمة الهديدي: «ينقل لنا الأدب أحداثاً على الرغم من أنها مآسٍ، فإن الأدب أرخها وخلدها، ونستعيد تذكرها وربطها بأحداث العصر، ومنها «الطاعون»، و»الحب في زمن الكوليرا»، وفي الحقيقة مثل هذه الأعمال هي معرفية في الواقع كما هي ثقافية، لأنها تتضمن رصداً لأسباب الأوبئة أو الحروب في بداياتها وخواتيمها».
وقارنت الهديدي بين روايتي الطاعون والحب في زمن الكوليرا، مشيرة إلى أن «كلتا الروايتين تناولتا وبائين فتاكين وهذه الأوبئة تزهق الأرواح في المجتمعات الفقيرة، حيث يرتع الجهل والظلم، وعلى الرغم مما نقلته هاتان الروايتين من وقائع، فإننا نعرف أن لخيال الكاتب المساحة الكبرى في العمل؛ بينما قالت الروائية فتحية النمر «الأوبئة من الموضوعات الكبرى والمهمة التي تناولها الأدباء من قصاصين وروائيين وشعراء، وهي عناوين عديدة خلدها الحرف من أمثلتها قصيدة الكوليرا لنازك الملائكة التي كتبتها عن الجائحة التي حلت بمصر وحصدت العديد من الأرواح، وبالنسبة للسرد هناك «الحب في زمن الكوليرا» و «الطاعون، وأجدهما ممثلتين بجدارة لأدب الأوبئة. فرواية الطاعون تتحدث عن الطاعون في مدينة وهران عندما كانت مستعمرة فرنسية، وكيف بدأ بنفوق الفئران وعندما توقف ذلك النفوق بدأ موت البشر».
وأشارت النمر إلى رواية كامو التي يبدو أن كاتبها قد تنبأ بما سيحصل في العقد الثاني من الألفية الثالثة، فذكر معلومة مفادها أن العالم كان موعوداً بالأوبئة كل مئة عام، بين السل والكوليرا والطاعون وكورونا.
وختمت النمر مداخلتها قائلة: «أؤمن بأن في كل محنة منحة، وفي الظروف الاستثنائية أمامنا ككتاب فرصة لزيادة رصيدنا الأدبي والخوض في موضوعات وثيمات غير اعتيادية».
وقالت الكاتبة السعودية تغريد البشير: «تناول عدد من الأدباء العالميين والمحليين قصص الأوبئة والأمراض التي اجتاحت العالم عبر التاريخ، من خلال قصصهم ورواياتهم وفي بعض الأحيان يتداخل خيالهم الأدبي مع الواقع ويغلب عليه، كما فعل الأديب العالمي ماركيز في روايته الرائعة «الحب في زمن الكوليرا»، وأحياناً يسردون ما كان حاصلاً ليبرزوا جانباً من جوانب التاريخ لقرائهم، وهذا ما فعله الأديب السوداني عمر فضل الله، في روايته أنفاس صليحة، عندما تحدث عن وباء الطاعون الذي اجتاح المغرب العربي وبلاد شنقيط بعد سقوط الأندلس بفترة قصيرة.
وذهبت الروائية أسماء الزرعوني للقول: «عادة عند كتابة رواية، لابد من أمر يقدح زند الكتابة، أحياناً يكون موقفاً مر على الكاتب أو مشهداً ما، وتارة يكون جملة أو كلمة تدق جوانب عقله، وأحياناً يبدأ الكاتب من لا شيء، فقط لديه إحساس بأنه يحتاج إلى أن يكتب، فيمسك بالقلم ويدعه يفعل ما يشاء، ربما أنتج خاطرة أو قصيدة أو قصة، وأعرف روائيين مشهورين من هذا النوع.
وهناك من هو منظم ومرتب، لديه طقوس خاصة، يكتب يومياً، ولديه خواطر يسجلها ويبدأ منها، وبالنسبة لماركيز فالكوليرا ربما يكون أهم ما فيها السبب الذي دفع كاتبها، وهو تأثره بوباء الكوليرا، وكما نعلم فقد نشرت الرواية للمرة الأولى باللغة الإسبانية، وحققت نجاحاً باهراً وترجمت إلى عدة لغات، وتحولت إلى فيلم سينمائي».
وفي مداخلتها قالت صالحة غابش المديرة العامة للمكتب الإعلامي والثقافي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة: «لفت انتباهي مقالة في إحدى المواقع عنوانها: الطاعون والأوبئة في الروايات.. من سيكتب عن كورونا؟
ربما كان لقراءاتنا المبكرة للروايتين الأشهر في تناول الأوبئة كالطاعون، والحب في زمن الكوليرا، ما أبهرنا في أسلوب التناول الشائق، والجاذب لأحداث الروايتين اللتين لا تخلوان من مشاهد حياتية أدهشتنا حينها، وربما تدهش من يقرأها اليوم، حتى أننا قرأنا تفاصيل طبية ربما أضافت إلى معارفنا العامة شكلاً من الثقافة الطبية مثل الأعراض، وشكل المقاومة والعلاج».
وأضافت: «مواجهة المرض لم تقتصر على إشكالية إيجاد الدواء أو إيقاف انتشار الوباء؛ بل هناك الصوت الإيجابي الذي يسهم في مقاومة المرض. وسؤال المقالة الآنفة الذكر (من سيكتب عن كورونا؟) سيأخذ الكاتب المهتم، وخاصة الروائي، إلى عالم من الأحداث لها مستوياها وتعقيداتها.. ستكون مداداً لفكر ووجدان وقلم الكاتب، وهو يبحث عن الزوايا الخفية في هذا العالم؛ تلك الزوايا الموجودة في خياله؛ لما تحويه هذه الموضوعات من أحداث إنسانية كبيرة كتلك التي نراها اليوم في الواقع، وأي ألم كأن يجري الطفل مستقبِلاً والده الطبيب في شوق يريد حضنه، فيوقفه أبوه ثم ينهار بكاء؟ حكايات ستؤرخها الأعمال الأدبية لتبقى في ذاكرة البشرية التي تواجه اليوم تحدياً كبيراً وتبذل جهوداً غير مسبوقة لإيقافه».

المصدر : صحيفة نيوز
الرابط : https://nice-space.com/?p=3786